
أول خطوة نحو السماء : هل يعود مطار الخرطوم
متابعات _ النورس نيوز _ في تطور مفاجئ وسط الأوضاع الأمنية والإنسانية المعقدة في السودان، أعلنت شركة الخطوط الجوية السودانية اعتزامها استئناف رحلاتها من مطار الخرطوم، في خطوة أثارت تفاعلاً واسعاً وتساؤلات عديدة حول إمكانية تنفيذ هذا القرار في الوقت الراهن. وقد أعاد هذا الإعلان تسليط الضوء على التحديات الفنية والأمنية التي لا تزال تحيط بمطار العاصمة، الذي كان أحد أبرز المواقع المتأثرة خلال النزاع المستمر منذ أبريل 2023.
يُذكر أن مطار الخرطوم تعرض لأضرار جسيمة جراء القصف والمعارك التي دارت في محيطه، حيث أظهرت الصور المتداولة حجم الدمار داخل قاعات السفر، إضافة إلى احتراق عدد من الطائرات على المدرج، ما يطرح تساؤلات جادة حول مدى جاهزيته لاستقبال الطائرات المدنية مجددًا.
وفي تقرير أعدته إذاعة “راديو دبنقا”، تم التواصل مع عدد من الخبراء في قطاع الطيران، بينهم طيارون سابقون ومهندسون جويون، حيث أجمعوا على أن استئناف العمل بالمطار يتطلب استيفاء سلسلة من المعايير الفنية والأمنية، خاصة تلك التي تضعها منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO).
وأشار أحد الخبراء إلى أن السودان، وفقاً لاتفاقية شيكاغو 1944، ملزم بتوفير أقصى درجات السلامة للطيران المدني في مجاله الجوي، وهو ما يستوجب القيام بعمليات فحص وتقييم شاملة للمطار والمنظومة التشغيلية قبل إصدار أي إذن رسمي بفتح المجال الجوي واستئناف الرحلات.
وأضاف: “الأمر لا يتعلق فقط بإزالة الأنقاض أو إصلاح المدارج، بل بإعادة تأهيل شاملة تشمل البنية التحتية، الأجهزة التقنية، أنظمة الاتصالات، وكذلك تدريب الكوادر الفنية على العمل في بيئة آمنة ومنضبطة”.
ومن جهة أخرى، يرى بعض المراقبين أن هذه الخطوة قد تكون جزءاً من ترتيبات حكومية لإعادة الحياة تدريجياً إلى العاصمة، في حال تم التوصل إلى اتفاقات تهدئة ميدانية، أو مع تحقيق تقدم في ملف التفاوض بين الأطراف المتنازعة.
وفي ظل وجود تجارب مماثلة شهدتها دول مثل ليبيا والعراق واليمن، يرى محللون أن بإمكان السودان، بالتنسيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين، السير في ذات المسار لإعادة تشغيل مطاراته جزئياً، شريطة توفر الحد الأدنى من الضمانات الأمنية والتقنية، وهو ما لم يتحقق بعد في الخرطوم.
من جهتها، لم تصدر الخطوط الجوية السودانية بياناً تفصيلياً حتى الآن حول كيفية وآليات تنفيذ هذا القرار، ولا عن الوجهات التي تنوي تسيير الرحلات إليها، ما يجعل الأمر في نظر كثيرين خطوة رمزية أكثر منها عملية في المرحلة الحالية.
ويبقى السؤال المطروح بقوة: هل بات السودان فعلاً مستعداً لإعادة تشغيل مطار الخرطوم؟ أم أن هذه الخطوة مجرد إعلان استباقي لاختبار ردود الفعل؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة.