
ممارسات قد تجعل إنعاش الإقتصاد مستحيلاً”
يشهد الاقتصاد السوداني منذ اندلاع الحرب في السودان في أبريل 2023، انهيارًا غير مسبوق أدى إلى تفكك النظام المصرفي وتعطل دور المؤسسات الرسمية، الأمر الذي فتح الباب واسعًا أمام تنامي السوق السوداء. ومع غياب الرقابة، بات الاقتصاد الموازي يسيطر على حركة العملات الأجنبية، وأسعار السلع الأساسية، وحتى قطاع الدواء والتعدين، مما ضاعف من معاناة المواطنين في مختلف الولايات.
يصف الباحث الاقتصادي محمد الناير ما يحدث بأنه “أزمة هيكلية” عميقة. وأوضح أن نحو 90% من الكتلة النقدية خارج الجهاز المصرفي، ما يعطل السياسات النقدية والرقابة. وأشار إلى أن سعر صرف الدولار ارتفع من 570 إلى 2400 جنيه بعد الحرب، رغم بقاء الفجوة بين السعر الرسمي والموازي أقل اتساعاً من السابق.
وحذر الناير من أن التعدين التقليدي الذي يمثل 80% من إنتاج الذهب يتم دون رقابة حكومية، مما يحرم الدولة من موردها الأهم. واقترح احتفاظ البنك المركزي بجزء من الذهب كاحتياطي لدعم استقرار العملة بدلاً من تصديره بالكامل.
من جانبه، يرى المحلل الاقتصادي خالد التجاني أن السوق السوداء لم تعد مجرد تجارة عملات، بل تطورت إلى اقتصاد ظل متكامل. فشبكات غير رسمية تدير عمليات توزيع السلع والتحويلات المالية خارج أي إشراف، وتتحكم في الأسعار والتجارة من بورتسودان إلى الخرطوم.
وأكد التجاني أن هذه الشبكات تمتلك “آليات منظمة عابرة للحدود”، ما يجعل من الصعب على الدولة استعادة السيطرة في المستقبل. وقال: “نحن أمام اقتصاد يبتلع الدولة، ويصعب إنعاشه إن استمر على هذا النحو”.
ورغم ذلك، لا يزال الأمل قائماً، بحسب الباحثين، في قدرة السودان على إعادة الهيكلة والاستفادة من موارده الطبيعية الضخمة، شريطة توفر الإدارة السياسية والاقتصادية الفعالة.