مقالات

في بريد والي الشمالية الجديد … أولويات لا تحتمل التأجيل

☘️🌹☘️

همس الحروف
في بريد والي الشمالية الجديد … أولويات لا تحتمل التأجيل
✍️ د. الباقر عبد القيوم علي

مع تولي والي ولاية الشماليه الجديد سعادة اللواء (م) عبد الرحمن عبد الحميد إبراهيم مهامه ، تتجه أنظار المواطنين إلى مكاتب أمانة الحكومة ، و يتطلع الجميع إلى قرارات ترفع من هيبة الدولة ، وتحسن المسار ، وتكون باعثاً للأمل في غد أفضل ، فهذه المرحلة الإستثنائية من عمر بلادنا ، و بما تحملها من تعقيدات ، و تراكمات ، و تقاطعات ، و تجاذبات حادة ، تحتاج إلى رؤية واضحة ، وقرارات حاسمة ، و أولويات لا تقبل الترحيل او التأجيل أو التسويف .

فلا بد من تسليط الضوء على أبرز الملفات العاجلة التي ينتظر الشارع من السيد الوالي أن يضعها في مقدمة أجندته ، و يأتي في مقدمتها ، فرض هيبة الدولة ، و كبح الفوضى ، فقد شهدت الولاية في الآونة الأخيرة إنفلاتاً خطيراً في سلوك بعض القوات المساندة ، حيث يستخدم السلاح في قلب المدن ، بل و تحت تأثير الخمور و المخدرات أحياناً ، وسط ممارسات تنم عن استعلاء مهني قائم فقط على امتلاك السلاح ، و هذه التجاوزات سوف تجرنا إلى مربع خطير لا يحمد عقباه ، و كما أن هذه الممارسات تزرع الرعب بين المواطنين ، وتقوض ثقة الناس في الدولة .

المطلوب يا سيادة الوالي ، بكل وضوح ، هو وضع معيار واحد صارم يردع الجميع دون استثناء ، ويمنع إطلاق الأخيرة النارية في أي مكان ، و زمان بما في ذلك المناسبات ، و ضبط كل من يحمل السلاح ، حتى لا يصبح مدعاة للترويع و الفوضى .

و يأتي بعد ذلك تنظيم التعدين بدلاً من محاربته ، لأن ليس من الحكمة إيقاف التعدين ، فهو مورد اقتصادي هام في هذا الظرف الحساس . و لكن المطلوب تنظيمه بقوة القانون ، و إلزام كل معدن باستخراج بطاقة رسمية ، و حظر وجود الأجانب في هذا القطاع ، و فرض رسوم على إستخراج البطاقة توظف لصالح الخزينة العامة و توسيع مواعين التحصيل بالولاية، فالعشوائية الحالية لا تخدم إلا الفوضى ، ولا تعود بالنفع لا على الدولة و لا المواطن .

و كذلك من أكثر الملفات أهمية هو ملف الأراضي الزراعية و الذي يشكل واحدة من أبرز صور الإهدار المنظم ، فهناك من حصلوا على أراضٍ منذ زمن ، و لم يستغلوها ، بل تملكوها بغرض تخزينها و إحتكارها ثم بعد ذلك تأتي المضاربة بها ، في وقت يحرم فيه آخرون من فرص حقيقية للتنمية ، فالمطلوب إما نزع هذه الأراضي و تحويلها لمن هو أكثر جدية ، أو فرض رسوم تصاعدية على كل من جمدها بلا استخدام .

و كذلك لابد من فتح ملف فرار إستثمارات مهمة من الولاية إلى ولايات مجاورة ، و على رأسها نهر النيل ، و هذا النزيف يجب أن يتوقف فوراً ،و لا بد من فتح هذا الملف بشجاعة ، ومساءلة الجهات التي ساهمت في هروب هذه الاستثمارات ، ومعالجة جذور النفور ، و الذي تأتي الرسوم غير المنطقية كأحد أبرز التحديات التي تعرقل حركة الاستثمار في الولاية ، و يأتي مصاحباً لذلك التعقيدات من قبل إدارة المساحة بوصفها عنق زجاجة حقيقي ، فقد تحول بعض المساحين و للأسف ، إلى مصدر تسويف ومماطلة ، لا أداة تسهيل ، و تخطيط كما يفترض أن يكونوا ، فكثير من المستثمرين يصطدمون بجدار من البيروقراطية المتعمدة ، والتأخير غير المبرر في إجراءات الرفع و التحديد ، مع انعدام الجدية و الاحترافية من قبل بعض منسوبي هذه الإدارة ، وكأنهم يعملون على إحباط المستثمر لا دعمه .

إن إصلاح هذه الإدارات لا يحتمل التأجيل أو التسويف ، سواء بإعادة هيكلتها ، أو بمراجعة أداء عناصرها ، أو حتى بتطبيق مبدأ المحاسبة العلنية لكل من يثبت تعمده في تعطيل المصالح ، أو إستخدام طرق ملتوية ، فالاستثمار عموماً لا يمكن أن يزدهر في بيئة يتحكم فيها المزاج الشخصي و التسويف من أجل تحقيق بعض المكاسب الشخصية .

و ما هو معلوم بالضرورة ، لا توجد تنمية بدون وحدة اجتماعية ، ومن هنا تصبح إعادة لحمة النسيج الاجتماعي بين شمال ، و وسط ، و جنوب الولاية مسؤولية سياسية و أخلاقية ، قبل أن تكون إدارية ، فيجب على الجميع إزالة التشوهات الاجتماعية ، و محاولة ردم الفجوات التي تفتت الوجدان الجمعي ، وبناء خطاب جامع يتجاوز حدود الانتماءات الضيقة .

و كما أن دعم المقاومة الشعبية بعتبر أولوية استراتيجية في ظل تعقيدات المرحلة ، حيث تعد المقاومة الشعبية خط الدفاع الأول عن الولاية ، و لذا يجب دعمها ، و تجويد تدريبها ، و توفير التسليح الكافي لها ، بما يجعلها مؤهلة لتحمل المسؤولية في قادم الأيام .

و أيضاً هنالك واحدة من أكبر المخاطر التي تهدد الاستقرار ، وهي تحول بعض المجموعات المسلحة المساندة إلى أدوات جباية خارجة عن القانون ، و المطلوب من سعادة الوالي ضبط سلوكها العام ، ومنعها تماماً من ممارسة أي نوع من التحصيل ، تحت أي غطاء .

إن ضبط الأسواق و معاش الناس أولوية لا تُؤجل و خصوصاً ، في ظل التدهور الاقتصادي ، حيث باتت الأسواق خارج السيطرة ، و الأسعار تتضاعف بلا سقف ولا رقابة ، مما جعل معاش المواطن العادي على شفا الانهيار ، فالمطلوب تدخل عاجل يعيد التوازن و الإستفادة القصوى من شركة سنابل بإعتبارها الزراع الإقتصادي للولاية ، و تفعيل الأجهزة الرقابية ، و كبح جشع التجار ، وضبط سلسلة التوزيع من المصدر إلى المستهلك ، فكرامة المواطن تبدأ من قدرته على العيش الكريم .

إن حجم التحديات كبيرة و كثيرة ، و الولاية في لحظة مفصلية ، و إن قدوم والي جديد يمنحنا فرصة ذهبية لتصحيح المسار ، فالميدان مزدحم بالمهام ، و المواطن ينتظر الأفعال ، لا الأقوال .

فهل سنرى في الأيام القادمات بوادر حسم تعيد للدولة هيبتها ، و للمواطن أمنه ، وللولاية عافيتها ؟ .. الأيام وحدها ستجيب .

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى