مقالات

أسامه عبد الماجد يكتب: زيارة مدير المخابرات المصرية.. (6) تخوفات

َ

أسامه عبد الماجد يكتب:
زيارة مدير المخابرات المصرية.. (6) تخوفات

0 أولاً: كأنما تسابق مصر في الزمن حيث هبط مدير مخابراتها حسن محمود رشاد بورتسودان امس واصطحبه نظيره السوداني احمد مفضل الى الرئيس البرهان.. في الوقت الذي كان يختتم فيه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون زيارته الى القاهرة.. هذا يعني ان مصر قلقة من شئ ما – خاصة في ظل التطورات التي تشهدها المنطقة.. اولى هذة الملفات امن البحر الاحمر.. بداية من توترات الاوضاع في اليمن مرورا بتهديدات الحوثيين التي اثرت بشكل كبير على عائدات قناة السويس بشهادة الرئيس السيسي.. وبالتالي تريد مصر الاطمئنان بشان الترابط السوداني السعودي وزيارة البرهان الى مكة المكرمة 28 مارس الماضي واتفاقه مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، علي تشكيل مجلس تنسيق مشترك في كافة المجالات ومؤكد علي الصعيد المخابراتي سيشمل المجلس امن البحر الاحمر.
خاصة وان السودان صادق في يناير 2020 على تشكيل مجلس الدول المشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن وتحمس جدا لهذا التجمع الذي بسببه زار وزير الخارجية السعودي الامير فيصل بن فرحات الخرطوم وقتها خصيصا للتشاور حوله مع البرهان وكانت ارفع زيارة لمسؤول سعودي الى السودان منذ سنوات.
وامس الثلاثاء تباحث نائب وزير الخارجية المصري مع مسؤولة زفيعة بالخارجية البريطانية حول امن البحر الاحمر والاسبوع الماضي تباحث وزير الخارجية المصري مع نظيره التركي هاكان فيدان حول ذات القضية.
وللتأكيد علي ان الملف يقلق القاهرة فان الرئيس السيسي زار جيبوتي في 2021 كأول رئيس مصري يزور الدولة التي تعج بالقواعد العسكرية.. وتباحث معه حول ملفات إقليمية مهمة، من بينها أوضاع منطقتي شرق إفريقيا والقرن الإفريقي، والتعاون في أمن البحر الأحمر ومضيق باب المندب، ومفاوضات سد النهضة.
وظلت مصر تعلن علي الدوام رفضها ما اسمته ” عسكرة البحر الاحمر” وربما تنامى الى مسامعها ان السودان اقترب من فتح مياهه الى روسيا وتركيا.. وخلقه ثنائية مع السعودية مع ان تجمع الدول المشاطئة لم يقم حتى الان.. وتعذر انعقاد قمة دعت لها الرياض بمدينة جدة وتسلم البرهان الدعوة.

0 ثانياً: مما يدفع مصر لابتعاث الرجل القوي – هكذا يلقب رشاد في بلاده – للإجتماع بالبرهان هو ملف إعمار السودان خاصة بعد دخول السعودية كلاعب قوى وفاعل ستنال النصيب الاكبر من “الكيكة” التي كانت مصر تامل ان تكون صاحبة الحصة الاوفر رغم اعلانها على لسان سفيرها الهمام هاني صلاح توصلها لاتفاق لتاهيل جسري شمبات والحلفايا وتحدثت عن امكانية صيانة سد مروي.. بيد ان حظوظ الشركات الفرنسية اكبر بالنسبة للاخيرة.. لكن السعودية تقدمت الدول التي ستساعد السودان في إعادة إعمار ما دمرته الحرب من خلال صدور توجيه ملكي من خادم الحرمين الشريفين وولي عهده بتشكيل لجنة رفيعة لملف السودان كانت هي الانشط والاكثر فاعلية برئاسة سفير السعودية بالسودان علي بن حسن الذي لعب دورا كبيرا في تطوير علاقات البلدين.. ووصلت اللجنة الاسبوع الماضي الى بورتسودان وضمت جهات لها ثقلها الدبلوماسي والانساني والمالي بالمملكة (الخارجية السعودية، مركز الملك سلمان للإغاثة، صندوق التنمية السعودي، وصندوق الاستثمارات السعودية).. واجتمعوا مع جهات سودانية وإستعرضوا الأولويات.
بالتالي تتخوف مصر من تاثر تصوراتها في مشروعات اعمار السودان التي ستنعش خزانتها.

0 ثالثاً: كذلك من الملفات التي تشغل بال مصر وتريد تطمينات من البرهان.. تهديدات عصابات حميدتي باجتياح الولاية الشمالية.. وامس قبيل وصول مدير المخابرات قصفت المليشيا محولات الكهرباء بالشمالية مما تسبب في اظلام شامل.. ومصر لها قنصلية في وادي حلفا رفعتها الى قنصلية عامة.. كذلك حركة واردات السلع والبضائع من مصر تتم عبر بوابة الولاية الشمالية.. واكثر من مرة وجهت قيادات المليشيا تهديدات مباشرة الى مصر وظلت توجه اليها اتهامات باسناد الجيش السوداني.

0 رابعاً: توتر الاوضاع في دولة الجنوب واقترابها من الانفجار بين الرئيس سلفاكير ونائبه الاول رياك مشار الذي وضع قيد الاقامة الجبرية يقلق مصر الي حد كبير.. وليس من دولة تزيح تلك الهموم عن كاهلها غير السودان الذي يمسك بخيوط اللعبة الجنوبية.. وبيده مفتاح خزانة جوبا التي تتغذى من النفط الذي يمر عبر الاراضي السودانية.. وكما لاترغب مصر في اندلاع حرب في الجنوب علي حافة النيل مما يسبب لها تهديدا امنيا يوثر علي المياة التي هى روح مصر وتنعكس على الزراعة.. ولا ننسى ان اثيوبيا وضعت سيفا على رقبة مصر بتشييد سد النهضة

0 خامساً: ملفا إسرائيل وايران جديران بالمناقشة مع البرهان.. خاصة اذا اعتبرنا ان مصر سلمت بصحة مزاعم زيارة سرية قام بها مستشار الرئيس البرهان، الفريق الصادق اسماعيل الى تل ابيب موخرا.. مع العلم ان الصادق لم يغادر بورتسودان الا قبل ثلاثة ايام الى المملكة السعودية في اجازة خاصة قصيرة.. لكن اي ذكر لتل ابيب يثير حفيظة القاهرة.. التي اصدرت بيانات عنيفة في مواجهة الاولي لان مابجري في غزة يشكل تهديداً للأمن القومي المصري.. حتي ان رئيس أركان القوات المسلحة المصرية، اجرى زيارة نادرة قبل اشهر قلائل تفقد الوضع الأمني على الحدود مع قطاع غزة، وقبلها كانت إسرائيل سيطرت على معبر رفح،
واطلق الجنرال المصري تحذيرات لاسرائيل وكان يقف على مقربة من الجدار الفاصل بين قواته والقوات الإسرائيلية موكدا قدرة جيشه الدفاع عن مصر.
اما بالنسبة لايران فان ااتقارب الكبير بينها والسودان منذ تبادل السفراء وفتح السفارتين بالبلدين وامتلاك طهران صلات وثيقة مع الحوثيين مسائل تحتاج في مقابلها مصر من البرهان ان يبعث في نفسها الامن.

0 سادساً: الملف الليبي هو الآخر يقلق مضاجع مصر.. فمن جهة تدعم الاخيرة خليفة حفتر الوثيق الصلة بمليشيا الدعم السريع المعادية لمصر.. ومن جانب آخر هناك تقارب كبير للسودان مع تركيا قد يفاجئ البرهان العالم بمنح اردوغان وجود في البحر الاحمر وهو امر – اذا ما تم سيقلق مصر – التي ظلت رافضة لاي وجود اجنبي في البحر الاحمر.. ومن جهة ثانية فان العلاقات السودانية الروسية تشهد تطَورا.. وكان وزير الخارجية علي يوسف انهى زيارة ناجحة الى موسكو في فبراير الماضي بدعوة من نظيره سيرجي لافروف وهي الزيارة الناجحة التي احكم تنسيقها وباقتدار سفير السودان لدى روسيا محمد الغزالي سراج واثارت َمخاوف دول صديقة ومشاطئة بالبحر الأحمر.. عقب اعلان الوزير علي يوسف خلال موتمره الصحفي المشترك مع لافروف إن السودان وروسيا توصلا إلى تفاهم بشأن الاتفاق حول قاعدة البحرية الروسية.. وقطع بانهم “متفقون تماما في هذا الموضوع ولا توجد أي عقبات”.

* ومهما يكن من امر فان البرهان وهو يستقبل الضيف المصري يقف على ارضيه صلبة.. بعد الانتصارات الباهرة التي حققها الجيش خاصة دحرة للمليشيا من الخرطوم.. لكن يبقى الرهان علي ان تستثمر الحكومة الفرصة لتقوي موقف السودان في المحيط الاقليمي.. والامر موجه لمدير المخابرات مفضل.

* الاربعاء 9 ابريل 2025 osaamaaa440@gmail.com

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى