
السودان يستعد لتحليق من جديد
متابعات _ النورس نيوز _ تشهد البلاد في المرحلة الحالية تحديات كبيرة تستدعي تحركات استراتيجية مدروسة، يأتي على رأسها السعي لإعادة فتح المجال الجوي السوداني. هذا الإجراء يتجاوز كونه قرارًا إداريًا أو تقنيًا، ليشكل خطوة محورية نحو استعادة سيادة الدولة، وتنشيط الاقتصاد، وتيسير حركة الطيران الإنساني والتجاري.
فتح الأجواء يتطلب استعدادًا شاملًا على المستويات الفنية والبشرية، إلى جانب تنسيق إقليمي ودولي فعال. فأنظمة الملاحة الجوية مثل VOR وDME وILS، إضافة إلى الرادارات الأساسية بأنواعها، تمثل العمود الفقري لأي عملية تشغيل آمن للمجال الجوي. الأضرار التي لحقت بهذه الأنظمة خلال فترة النزاع تسببت في شلل كبير بقطاع الطيران، وأفقدت السودان موردًا ماليًا سياديًا مهمًا يتمثل في رسوم عبور الأجواء.
تفعيل هذه الأنظمة من جديد يتطلب أولًا إجراء مسح فني شامل لتقييم الأضرار، يليه تنفيذ عمليات إصلاح أو استبدال وفقًا لأولويات واضحة، مدعومة بخطط تمويل دقيقة واتفاقات مع شركات تكنولوجيا الطيران.
أما الجانب البشري، فلا يقل أهمية عن الجوانب التقنية. الكوادر المؤهلة من مراقبين جويين ومهندسين وفنيين، تأثرت بشكل كبير جراء النزوح والانقطاع الذي فرضه النزاع. وهو ما يحتم إطلاق برامج تدريب وتأهيل عاجلة، بالتعاون مع الجهات الدولية المعنية، مثل منظمة الطيران المدني الدولي والاتحاد الدولي للنقل الجوي. كما أن الاستفادة من الكفاءات السودانية المقيمة بالخارج يمكن أن تسهم بشكل كبير في سد الفجوات وتسريع العودة إلى التشغيل الكامل.
ولتعزيز السيادة الجوية، يبرز دور الرادارات الأولية التي لا تعتمد على تجاوب الطائرات، ما يمنحها أهمية أمنية كبيرة في مراقبة الأجواء حتى في الظروف غير الطبيعية. توزيع هذه الرادارات في مواقع استراتيجية مثل الخرطوم، بورتسودان، نيالا، دنقلا، والأبيض، يمثل أولوية قصوى للمرحلة المقبلة، لضمان الرقابة الجوية الكاملة وتعزيز قدرات الدولة الدفاعية.
يمثل هذا المشروع تحديًا وطنيًا كبيرًا، لكنه في الوقت نفسه فرصة لإعادة بناء قطاع الطيران على أسس قوية ومستدامة، تعكس صورة السودان القادر على النهوض من جديد والانخراط بفعالية في محيطه الإقليمي والدولي.