مقالات

عبدالله أكد … يكتب …. قرار قطع العلاقات الدبلوماسية: سيادة مطلقة لا يشترط فيها الاعتراف

قرار قطع العلاقات الدبلوماسية قطع العلاقات الدبلوماسية: سيادة مطلقة لا يشترط فيها الاعتراف

بقلم: عبدالله أكد

في خضم التوترات السياسية بين الدول، تبرز مسألة قطع العلاقات الدبلوماسية كأحد أقوى أدوات التعبير عن المواقف السيادية في القانون الدولي. وفي هذا الإطار، جاء إعلان حكومة السودان قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الإمارات ليطرح تساؤلات قانونية جوهرية، لا سيّما في ظل رفض أبوظبي الاعتراف بهذا القرار.

وهنا لا بد من التوضيح القانوني الدقيق: هل تحتاج الدولة إلى موافقة الطرف الآخر لقطع العلاقات؟ وهل لعدم الاعتراف أثر قانوني؟

قرار سيادي أحادي لا يُشترط فيه التبادل

قطع العلاقات الدبلوماسية هو قرار سيادي أحادي الجانب، تتخذه الدولة وفقاً لإرادتها المنفردة، دون حاجة إلى موافقة الدولة الأخرى أو التشاور معها. هذا ما كرّسه مبدأ السيادة الوطنية، أحد أهم أعمدة القانون الدولي العام، والذي يمنح كل دولة حق إدارة علاقاتها الخارجية، بما في ذلك إقامة أو قطع العلاقات الدبلوماسية.

بل إن اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام 1961 لم تضع قيدًا على هذا الحق، ولم تشترط إجراءات ثنائية. والمادة 9 من الاتفاقية سمحت صراحةً للدولة المضيفة بأن تعلن أي دبلوماسي شخصًا غير مرغوب فيه دون الحاجة إلى تبرير، مما يُبرز الطابع الأحادي والسيادي المطلق لهذه القرارات.

هل يؤثر عدم الاعتراف في قانونية القرار؟

الجواب باختصار: لا يؤثر إطلاقًا.

عدم اعتراف الدولة الأخرى بقرار القطع لا يُبطل أثره القانوني ولا يُعطّل نفاذه. فعلى المستوى العملي:
• لا يحق لممثلي الدولة غير المعترف بها الاستمرار في أداء مهامهم الدبلوماسية داخل أراضي الدولة القاطعة، لأن وجودهم يصبح غير مشروع.
• الدولة القاطعة تملك كامل الحق في:
• سحب بعثتها من الدولة الأخرى.
• إنهاء اعتماد البعثة الأجنبية داخل أراضيها.
• إعلان أعضاء البعثة أشخاصًا غير مرغوب فيهم، مما يوجب مغادرتهم فورًا.

وبذلك، فإن القرار يصبح نافذًا وملزمًا دوليًا من لحظة صدوره، بغض النظر عن المواقف السياسية أو الإعلامية للطرف الآخر.

السفير بين التفويض والتمرد

من المهم أيضًا التطرق إلى الوضع القانوني للسفير في مثل هذه الحالات. فالسفير لا يمثّل نفسه، بل هو مُفوّض رسمي من الدولة التي ابتعثته، ويباشر مهامه بموجب اعتماد رسمي يُمكن سحبه في أي وقت.

وفي حال صدور قرار بقطع العلاقات، فإن:
• استمرار السفير في أداء مهامه دون إذن دولته يُعد خروجًا عن التفويض.
• يُفقده ذلك صفته القانونية كممثل دبلوماسي، ويُعرضه للمساءلة أمام دولته.

ختامًا
يبقى القانون الدولي واضحًا في هذه المسألة: قطع العلاقات الدبلوماسية قرار سيادي بحت، لا يحتاج موافقة ولا يتوقف على اعتراف. وما دامت الدولة قد مارست حقها الأصيل، فإن أي رفض من الطرف الآخر لا يُغير من الحقيقة القانونية شيئًا،
ولعل العدوان الواقع من الإمارات على دولة السودان يعد سبباً قوياً يفسر القرار السيادي لحكومة السودان.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى