
رغم الادعاءات الدولية..
السودان بعيدا عن شبح المجاعة
تقرير اخباري: ابونبراس
على الرغم من التحذيرات الدولية التي تروج لخطر مجاعة وشيكة في البلاد، يظل الواقع الغذائي، بحسب الحكومة وخبراء اقتصاديين، بعيدا عن هذا السيناريو الكارثي.
فمع استهلاك يفوق 7.3 مليون طن من الغذاء، وتوقعات بإنتاج زراعي وفير من الأراضي المحررة، تنفي السلطات السودانية الادعاءات التي تتحذائية شاملة، وأكد الخبراء أن التحديات تقتصر على مناطق محاصرة جراء النزاع المستمر بين القوات المسلحة ومليشيا الدعم السريع، وأن الجهات التي تروج لهذا السيناريو تخدم أجندات خارجية وداعمة لمليشيا الدعم السريع الإرهابية.
يهدف هذا التقرير إلى تسليط الضوء على حقيقة الوضع الغذائي في السودان، مستعرضا وجهات نظر محلية، ودور الإنتاج الزراعي في تعزيز الأمن الغذائي.
مذكرة بيضاء:
وحذرت منظمة الصحة العالمية من أنتشار المجاعة “تقريبا في كل مكان” في السودان، مع حاجة حوالي 25 مليون شخص إلى الدعم.
ومن جهتها أيضا أصدرت الأمم المتحدة مذكرة بيضاء في مارس 2024 بموجب قرار مجلس الأمن 2417، تحذر من خطر المجاعة في البلاد.
وفي وقت سابق أعلنت لجنة الخبراء المدعومة من الأمم المتحدة عن المجاعة في مخيم بالقرب من الفاشر في دارفور في أغسطس 2023، حيث يوجد حوالي 500,000 نازح.
انتاج وافر:
حول ادعاءات تحذيرات المنظمات الدولية من المجاعة في السودان أكد الدكتور الفاتح عثمان، خبير الشؤون الاقتصادية، على أن الوضع العام في السودان لا يشير إلى أزمة مجاعة شاملة، وأن حديث المنظمات حول المجاعة لا علاقة له بالواقع الحقيقي للغذاء في السودان.
ونفى أن يكون السودان ككل مهددا بالمجاعة، لجهة أن الأراضي الزراعية المحررة، التي تشكل الجزء الأكبر من الأراضي الزراعية الآلية في البلاد، ستسهم في تحقيق إنتاج زراعي كبير في الموسم القادم.
وقال عثمان لـ”النورس” إن الحديث عن مجاعة في السودان ينطبق فقط على مناطق محاصرة مثل الفاشر وبابنوسة وكادقلي والدلنج، فيما يتوقع أن تشهد بقية المناطق إنتاجا زراعيا وفيرا خلال الموسم الصيفي القادم.
وأوضح أن الفاشر، التي يقطنها نحو مليون مواطن، ومناطق أخرى محاصرة تواجه تحديات غذائية حقيقية.
وأضاف أن المنظمات الدولية توزع مساعدات غذائية محدودة في مناطق تسيطر عليها مليشيا قوات الدعم السريع وبعض المناطق الأخرى، لكنها تعتمد بشكل رئيسي على التمويل الدولي، خاصة المعونة الأمريكية. مشيرا إلى أن قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بوقف الدعم أثر على هذه المنظمات، معتبرا أن حديثها عن “مجاعة متوقعة” يهدف إلى الضغط على الحكومة الأمريكية لاستئناف التمويل، وليس انعكاسا لواقع الإمدادات الغذائية في السودان.
و دعا عثمان إلى ضرورة التركيز على دعم الموسم الزراعي لتعزيز الأمن الغذائي.
أجندة دولية:
فيما يقول الخبير الاقتصادي د. هيثم محمد لـ”النورس” إن المنظمات الدولية التي تروج لادعاءات حدوث مجاعة في السودان تخدم أجندات دولية وتدعم ميليشيا الدعم السريع. وأوضح أن ما يحدث ليس مجاعة، بل تجويع متعمد من قبل الميليشيا التي تعطل الأنشطة الزراعية في البلاد.
وأشار د. هيثم إلى أن هجمات الميليشيا على ولايات الجزيرة، سنار، الخرطوم، أجزاء من النيل الأزرق، وشمال وغرب وجنوب كردفان، أدت إلى تدمير أكثر من 4 ملايين فدان من الأراضي الزراعية الخصبة، التي كانت قادرة على الحد من الأزمة الغذائية.
وأضاف الخبير الاقتصادي أن 60% من الأنشطة الزراعية في سنار وغرب كردفان توقفت، بينما خسرت الخرطوم 68% من أراضيها الصالحة للزراعة.
ونتيجة لذلك، تواجه 60% من الأسر الريفية في السودان انعدامًا غذائيًا بدرجات متوسطة إلى شديدة، حيث تقوم الميليشيا بمصادرة الطعام ومنعه عن المدنيين بشكل منهجي. كما نهبت الميليشيا مستودعات برنامج الغذاء العالمي منذ بداية الحرب، مما زاد من تفاقم الأزمة.
وأكد د. هيثم أن الحرب في السودان تسببت في أكبر كارثة إنسانية عالمية من حيث النزوح، التشريد، انعدام الأمن الغذائي، ومعاناة الأطفال، مشيرًا إلى أن هذه الأزمة ليست نتيجة ظروف طبيعية، بل هي نتيجة مباشرة لأعمال الميليشيا التي تستهدف المدنيين الأبرياء.
تمويل اضافي:
وقد أشار برنامج الأغذية العالمي إلى الحاجة إلى وصول أفضل وتمويل إضافي لإطعام أكثر من 25 مليون شخص يعانون من الجوع الحاد، مع تحديات في الوصول إلى المناطق المتأثرة.
وفي تقرير آخر، حذر البرنامج من أن السودان قد يشهد أكبر مجاعة في التاريخ الحديث، مع 1.7 مليون شخص يعانون الجوع أو معرضون له.
ومن جهته قال المبعوث الأميركي الخاص السابق إلى السودان، توم بيريلو، إن هناك 638 ألف شخص بالسودان يواجهون المجاعة، بينما أفادت الأمم المتحدة بأن نصف سكان البلاد يحتاجون للمساعدة الإنسانية والحماية العاجلة.
وذكر بيريلو في تغريدة على منصة اكس أن أكثر من 30 مليون سوداني يحتاج إلى مساعدات إنسانية نتيجة لأفعال الجيش السوداني وقوات الدعم السريع – حسب تعبيره -.
وشدد المبعوث الأميركي على أن السودانيين يحتاجون إلى وقف القتال وسماح جميع الأطراف المتحاربة بوصول المساعدات الإنسانية على الفور.
ودعا المبعوث المجتمع الدولي إلى “الاستيقاظ على خطورة الإنسانية الأزمة بالسودان”.