
الإمارات تعيد ترتيب أوراقها في إفريقيا عبر النيجر بعد انتكاسات السودان وتشاد
متابعات _ النورس نيوز _ في ظل سلسلة من الانتكاسات الاستراتيجية في السودان وتشاد، تتجه الإمارات العربية المتحدة لإعادة رسم حضورها في إفريقيا من خلال محور جديد يعتمد على النيجر كمنصة مركزية للنفاذ إلى منطقة الساحل والصحراء، التي تضم موارد طبيعية هامة مثل مناجم الذهب واليورانيوم، إلى جانب ممرات التهريب العابرة للحدود.
منذ اندلاع الحرب في السودان وتورط الإمارات في دعم مليشيات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وجدت أبوظبي نفسها في مأزق إقليمي حاد، خاصة بعد الهزيمة العسكرية لحليفها في الخرطوم وتصدع علاقاتها مع الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي، الذي يواجه ضغوطاً داخلية متزايدة وسط تراجع الدعم الخارجي.
في هذا السياق، اختارت الإمارات النيجر كبديل استراتيجي لتعويض خسائرها، مستفيدة من هشاشة الحكم العسكري في نيامي، وانسحاب القوى الغربية، لا سيما فرنسا، مما أتاح لها المجال للتدخل الأمني والاقتصادي من خلال قنوات متعددة.
شهدت نيامي خلال مايو الحالي زيارات مكثفة، أبرزها زيارة صدام حفتر، نجل قائد قوات شرق ليبيا، والوزير الإماراتي شخبوط بن نهيان، المبعوث الأمني لملفات إفريقيا، حيث يتم التنسيق مع شبكات تهريب السلاح والذهب والبشر عبر الجنوب الليبي نحو النيجر.
وتشير تقارير استخباراتية إلى أن الإمارات تعيد تنشيط شبكات التهريب والتجنيد غير الرسمية، مستهدفة قبائل الطوارق والفلان، مع تقديم دعم مالي مباشر للمجلس العسكري في النيجر، مما يزيد من مخاطر عدم الاستقرار الأمني على الحدود.
زيارة شخبوط بن نهيان لم تكن مجرد خطوة دبلوماسية عادية، بل كانت ذات أبعاد أمنية عميقة، حيث جرى بحث اتفاقيات تعاون تحت مظلة “مكافحة الإرهاب”، بهدف السيطرة على مناجم الذهب واليورانيوم شمال النيجر.
تسعى الإمارات من خلال هذه التحركات إلى خلق طوق جيوسياسي يستهدف الجزائر من الجنوب الشرقي، عبر فتح جبهات تهريب وفوضى حدودية في مناطق أدرار وتمنراست، ودعم جماعات مسلحة في الجنوب الليبي والنيجر، بهدف تقويض العمق الاستراتيجي الجزائري في الساحل بعد تراجع النفوذ الفرنسي.
التصعيد الإماراتي أثار مخاوف متزايدة، خاصة مع تزايد وجودها الأمني في مدن ليبية مثل غات وأوباري، واجتماعات سرية بين ضباط نيجريين وعناصر أمنية مرتبطة بطحنون بن زايد، ما ينذر بموجة عدم استقرار إقليمية قد تشمل أطرافاً دولية وإقليمية.
ويعتبر مراقبون أن هذه الاستراتيجية الإماراتية، القائمة على أدوات غير رسمية واتفاقيات رمادية، تشكل تهديداً مباشراً للأمن القومي الجزائري، وتستوجب تحركاً استخباراتياً عاجلاً في المثلث الحدودي بين النيجر، الجزائر وليبيا.
في ظل الفوضى الإقليمية والفراغ الأمني، تمثل النيجر اليوم منصة استراتيجية بديلة للإمارات لتعويض خسائرها في السودان وتشاد، لكن هذه الخطوة تحمل في طياتها مخاطر جيوسياسية متصاعدة في منطقة تعاني من هشاشة حاكمة وصراعات حدودية وعرقية محتدمة.