
إقالة تاريخية مفاجئة في جنوب السودان
متابعات _ النورس نيوز _ في خطوة وُصفت بأنها من أكبر التحولات السياسية داخل الحزب الحاكم في جنوب السودان منذ توقيع اتفاق السلام، أقال الرئيس سلفاكير ميارديت، نائبه الأول في قيادة “الحركة الشعبية لتحرير السودان”، الدكتور جيمس واني إيقا، وعين خلفًا له نائبه في الحكومة، الدكتور بنيامين بول ميل، رجل الأعمال المثير للجدل والمقرب من كير.
وجاء الإعلان الرسمي عن القرار مساء الثلاثاء عبر التلفزيون الحكومي، في توقيت حساس يشهده الحزب مع اقتراب الانتخابات المرتقبة. وتداول مراقبون الخطوة بوصفها “نقلة استراتيجية” تهدف إلى إعادة ترتيب مراكز القوى داخل الحركة الشعبية، واستباقاً لتحولات إقليمية ودولية قد تؤثر على المشهد السياسي في جوبا.
إيقا.. نهاية مرحلة ورمز تاريخي يُغادر المشهد
يمثل الدكتور جيمس واني إيقا أحد الأعمدة المؤسسة للحركة الشعبية، حيث لعب دورًا محوريًا في فترة النضال المسلح ضد الخرطوم، وكان حاضراً في مفاوضات السلام والتحول السياسي بعد الاستقلال. ورغم تقلص نفوذه في السنوات الأخيرة، فإن إقالته شكلت صدمة في الأوساط السياسية، لما له من ثقل رمزي وشعبي وسط كوادر الحزب.
بنيامين بول ميل.. صعود اقتصادي إلى قلب السياسة
أما الخليفة الجديد، الدكتور بنيامين بول ميل، فهو شخصية اقتصادية صاعدة، معروف بعلاقاته الوثيقة برجال الأعمال والمؤسسات المالية، رغم كونه مدرجًا على قوائم العقوبات الأمريكية بدعوى تورطه في أنشطة غسل أموال عبر شركات إنشاءات ومقاولات. إلا أن قربه من الرئيس كير، ونفوذه المتزايد في الملفات الاقتصادية، جعله أحد أكثر الشخصيات نفوذًا في الحكومة خلال السنوات الأخيرة.
ويشغل ميل أيضًا منصب نائب رئيس الجمهورية، ما يمنحه حضورًا سياسيًا مزدوجًا، يُعزز من فرصه ليكون أحد الأسماء المطروحة لخلافة سلفاكير مستقبلاً، لا سيما مع انحسار دور الحرس القديم في المشهد السياسي.
إعادة تموضع داخل الحزب وتبدل في الولاءات
مصادر مقربة من قيادة الحركة الشعبية أشارت إلى أن القرار يأتي ضمن إعادة تموضع داخلي داخل الحزب الحاكم، في ظل ازدياد تأثير التحالفات الإقليمية والاقتصادية على المشهد السياسي في جنوب السودان. كما يُنظر إلى التعديل على أنه بداية لصعود جيل جديد من القادة، يتمتع بولاءات اقتصادية وانفتاح على رؤى تنموية مختلفة عن تلك التي تبناها قادة التحرير التقليديون.
ردود أفعال وتساؤلات عن المستقبل
أثار هذا التغيير تساؤلات كبيرة حول مستقبل القيادات التاريخية داخل الحزب، ومدى قدرتها على التكيف مع التحولات الجارية. كما تساءل مراقبون عن مدى تأثير هذا القرار على توازن القوى داخل الحكومة والحركة الشعبية، وعن انعكاساته على مسار السلام والتحول الديمقراطي في البلاد.
في ظل هذا التطور المفاجئ، يبدو أن جنوب السودان مقبل على مرحلة جديدة، تتقاطع فيها المصالح الاقتصادية مع الحسابات السياسية، بينما يبقى السؤال الأكبر معلقًا: هل يمهد صعود ميل الطريق لتغيير أوسع في رأس السلطة؟