مقالات

د. حنان أبكراي تكتب: قرار العودة إلى السودان… إجحاف في حق الطلاب أم تجاهل للواقع؟

 

في خطوة أثارت الجدل والذهول، أصدر وزير التعليم العالي قرارًا بعودة جميع الجامعات السودانية إلى داخل السودان، وإلزام الطلاب بالعودة كذلك، متجاهلًا بذلك الواقع المرير الذي تعيشه البلاد، ومتغافلًا عن أبسط مقومات الحياة والبيئة الآمنة للتعليم.

إن هذا القرار لم يراعِ سلامة الطلاب، ولا ظروف العودة المستحيلة لمعظمهم، خاصة في ظل استمرار المسيرات والقصف، وانعدام الكهرباء والمياه والخدمات الأساسية، فضلًا عن نهب عدد كبير من منازل الطلاب وأسرهم بالكامل، ما يجعل من الحديث عن “عودة جامعية” أشبه بالخيال، بل هو عبء إضافي على كاهل شعب منهك أصلًا.

معظم الأسر السودانية اليوم تعيش في أوضاع نزوح أو لجوء، في دول الجوار أو ولايات السودان الأخرى. فكيف يُنتظر من طالب أن يعود إلى بيئة مدمّرة لا يجد فيها مأوى، دعك من مقعد دراسي؟ كيف يُطلب من ولي أمر لا يملك قوت يومه أن يدفع الرسوم الجامعية، في وقت تطالب فيه بعض الكليات الخاصة – مثل كلية الأفق – برسوم باهظة وغير منطقية، دون مراعاة لما حلّ بالشعب من دمار ونكبات؟

كان الأجدى بوزير التعليم العالي أن يتخذ قرارات عادلة، تنصف الطالب وتحاسب الجامعات التي تجاوزت في فرض الرسوم والقيود، بدلًا من تحميل المواطن مزيدًا من الهموم. كان الأولى أن يكون إلى جانب شعبه في هذا الظرف العصيب، لا أن يُضاف إلى قائمة الضغوط التي يعانيها المواطن، بين قصف المليشيات من جهة، وقرارات حكومية مجحفة من جهة أخرى.

الواجب اليوم أن يُسمح للطلاب الذين استطاعوا مواصلة دراستهم في الخارج أو في بيئات آمنة أن يستمروا حيث هم، وأن يُراعى في قرارات القبول الجديدة الوضع الراهن، ويُفتح باب القبول في الداخل فقط للدفعات الجديدة، إن توفرت البيئة لذلك. كما يجب تشكيل لجنة عاجلة للتحقيق في تصرفات الجامعات الخاصة التي لم تراعِ الوضع الإنساني الكارثي للطلاب.

إننا نطالب وزير التعليم العالي بالآتي:

1. السماح للطلاب الذين يدرسون حاليًا بالخارج بالاستمرار دون ضغوط أو تهديد بسحب الاعتراف بشهاداتهم.

3. التحقيق الفوري في تجاوزات الجامعات الخاصة، ومراجعة الرسوم الدراسية بما يتماشى مع ظروف البلاد والطلاب.

4. إقرار نظام بديل مرن للتعليم، يُراعي أوضاع النزوح واللجوء، ويعتمد التعليم عن بعد كخيار مستمر.

ختامًا، نذكّر الوزير والحكومة بأن التعليم حق أساسي مكفول بموجب الدستور والمواثيق الدولية، ولا يجوز أن يُستخدم أداة ضغط على شعب نازح ومنهك. حماية الطلاب وتيسير تعليمهم ليست مِنّة من الدولة، بل واجبها الأول في هذه المرحلة الحرجة.

د حنان أبكراي

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى