مقالات

رجال حول البرهان.. السودان يكسب الرهان

مقالات _ النورس نيوز

رجال حول البرهان.. السودان يكسب الرهان

مقالات _ النورس نيوز _؛أبرزت حرب الكرامة الوطنية التي تخوضها القوات المسلحة السودانية ومعها القوات النظامية المساندة ضد ميليشيا الدعم السريع المدعومة خارجياً، ملامح قيادة جديدة تجسدت في رجال شكّلوا الدرع الحامي لبقاء الدولة السودانية، ومثّلوا ظهيرًا صلبًا للقائد العام للقوات المسلحة، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان. هؤلاء القادة الأربعة الذين وزعوا مهامهم بحكمة على المحاور السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، صنعوا معادلة صمود الدولة السودانية في وجه عاصفة التفتيت والانهيار، عبر إدارة دقيقة متعددة الأبعاد، ومهنية أعادت تعريف معنى القيادة الوطنية.

كان من بين هذه الكوكبة الفريق أول ركن شمس الدين كباشي، الذي برز كواحد من أهم أعمدة الثقة والقرار في محيط البرهان، حيث تولّى مسؤوليات استراتيجية في لحظات فارقة حين كانت الميليشيا تسيطر على أجزاء واسعة من الخرطوم. استطاع كباشي أن يعيد التوازن العسكري ويضمن تناغمًا نادرًا بين الأداء العسكري والجهاز التنفيذي للدولة رغم حالة الفوضى العامة. لقد أدار المتحركات في جبهات الجزيرة وسنار والقضارف والنيل الأبيض بفعالية، وأشرف على إعادة انتشار القوات بشكل متناسق، ما ساهم في إحكام السيطرة وطرد الميليشيا من وسط السودان. ونجح في محاصرة تداعيات الانهيار الخدمي والإداري في الولايات المتأثرة بالحرب، ليتحول إلى همزة وصل استراتيجية بين المركز العسكري والسلطة المدنية، بما جنّب الدولة الانهيار من الداخل.

أما الفريق أول ركن ياسر العطا، فكان مهندسًا ميدانيًا، وقائدًا للمعارك الكبرى التي خاضتها القوات المسلحة داخل مدينة أم درمان، التي مثلت أكثر مسارح العمليات تعقيدًا. أثبت العطا تفوقًا لافتًا حين نجح في استعادة مباني الإذاعة والتلفزيون بعد ملحمة “اقتران القوات”، وشكّل وحدات عمليات خاصة ذات تدريب عالٍ وفعالية صادمة شلّت حركة ميليشيا الدعم السريع، عبر تكتيك “اضرب وغيّر” الذي استلهم تجربة فاغنر لكن بروح وطنية صرفة. هذه الوحدات أعادت تعريف حرب المدن، وأرست أسسًا جديدة لحرب العصابات المعاكسة، فكان العطا قائدًا لفكر عسكري متجدد أعاد الهيبة للميدان.

وفي الجانب الأمني، برز الفريق أول أمن أحمد إبراهيم مُفضَّل، المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات الوطني، كرجل أعاد للمنظومة الاستخبارية فعاليتها ووهجها. لعب مُفضَّل دورًا محوريًا في إعادة تشكيل هيئة العمليات التي نزلت إلى الميدان وحاربت جنبًا إلى جنب مع الجيش، ما أرعب عناصر الميليشيا وأفقدهم توازنهم. ومع صعود شعار “أمن يا جن” كمصدر رعب حقيقي لمرتزقة الدعم السريع، نشّط مفضَّل منظومة الرصد والتعقب، وأطلق ضربات استباقية أحبطت خطط الميليشيا، بالإضافة إلى دوره في تفعيل الدبلوماسية الأمنية التي قلّصت هامش المناورة الخارجية للميليشيا، وكبّلت حركتها في الإقليم.

أما الفريق مهندس مستشار إبراهيم جابر، فقد تولى ملفًا بالغ التعقيد، وهو الاقتصاد في زمن الحرب، وسط انهيار المرافق الاقتصادية ونضوب الموارد. واجه جابر مهمة شاقة في تأمين مرتبات القوات وتوفير الوقود والسلع الأساسية، وتمكّن من استعادة نبض الاقتصاد في المناطق المحررة، وتنشيط الاستثمارات، وإعادة تشغيل مصفاة بورتسودان، ومن بعدها مصفاة الخرطوم، ما حافظ على الحد الأدنى من التوازن المعيشي الذي أرادت الميليشيا ضربه. ومن خلال التنسيق المحكم مع وزارة المالية وبنك السودان المركزي، نجح في الحفاظ على عصب الجبهة الداخلية الاقتصادية التي يعتمد عليها استمرار المعركة الوطنية.

لقد مثّل هؤلاء القادة الأربعة أركان المعركة الكبرى التي خاضتها الدولة السودانية؛ فمنهم من عمل على تثبيت مفاصل الحكم وسط الخراب، ومنهم من خاض المعارك على الأرض، وآخرون أعادوا هيكلة الجبهة الأمنية والاستخبارية، فيما تولّى بعضهم مهمة بناء قاعدة اقتصادية تمنع الانهيار من الخلف. وبهذا التناغم القيادي الفريد، استطاعت الدولة أن تبني منظومة مقاومة شاملة، تتكامل فيها السياسة والأمن والاقتصاد والميدان، وتتصدى لمشروع خارجي شرس أراد تحويل السودان إلى ساحة فوضى إقليمية.

إن معركة الكرامة ليست معركة سلاح فقط، بل هي معركة بقاء وطن. فبهؤلاء القادة، وبتضحيات الجنود والضباط والمواطنين، يكتب السودان صفحة مجيدة في تاريخه الحديث، عنوانها الصمود والانتصار على الفوضى. وبينما تتواصل العمليات العسكرية لتحرير ما تبقى من الأراضي السودانية، فإن عبقرية القيادة الوطنية قد أثبتت أن الدولة لم تسقط، وأن مشروع المرتزقة قد انكسر، وأن فجر النصر بات قريبًا مهما طال ليل المحنة.

تقرير: إسماعيل جبريل تيسو

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى