
البرهان إلى إسبانيا في مهمة مصيرية …اليك التفاصيل
متابعات _ النورس نيوز _ في لحظة سياسية واقتصادية بالغة الحساسية، يستعد الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي والقائد العام للقوات المسلحة السودانية، للتوجّه إلى مدينة إشبيلية الإسبانية على رأس وفد رسمي رفيع المستوى، للمشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة الرابع لتمويل التنمية، المقرر انعقاده ما بين 30 يونيو و3 يوليو 2025. وتأتي هذه المشاركة وسط أنظار الداخل والخارج، في وقت تتفاقم فيه الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في السودان، الذي يعيش على وقع الحرب منذ أبريل 2023.
الدعوة الرسمية التي تلقاها البرهان من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ورئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، تحمل في طياتها إشارات إلى رغبة المجتمع الدولي في الإبقاء على السودان ضمن أجندة الأولويات التنموية، رغم تعقيد المشهد السياسي في البلاد. ومن المنتظر أن يُشكّل المؤتمر منصة نادرة لرئيس السيادة لطرح رؤية السودان حيال إعادة بناء الاقتصاد الوطني واستقطاب الدعم الخارجي في مرحلة بالغة التعقيد.
ويحمل الوفد السوداني ملفات ثقيلة إلى طاولة المؤتمر، أبرزها الاحتياجات التمويلية العاجلة، وسبل جذب الاستثمار الدولي، وإعادة تفعيل برامج التعاون الفني والاقتصادي مع الشركاء الدوليين، لا سيما بعد أن طالت آثار الحرب كافة القطاعات الحيوية، ودفعت البلاد إلى حافة الانهيار المالي والمعيشي.
يُعرف هذا المؤتمر بأنه أحد أبرز الفعاليات الدولية رفيعة المستوى، حيث يلتقي فيه قادة الدول والمؤسسات المالية الكبرى، إلى جانب خبراء الاقتصاد والتنمية وصنّاع القرار، لبحث الحلول المستدامة في مجالات مكافحة الفقر، وإعادة هيكلة الديون، وتحقيق التمويل العادل للدول النامية. ومن المتوقع أن تتركز جلساته على إصلاح النظام المالي العالمي، وتوسيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتعزيز آليات التمويل الأخضر والرقمي، في ظل التحديات المناخية المتزايدة.
ومن المرجح أن يستغل الوفد السوداني هذه الفرصة لعقد اجتماعات ثنائية مع ممثلي منظمات التمويل الدولية، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، إضافة إلى منظمات الأمم المتحدة المعنية بالتمويل والتخطيط التنموي، بهدف تأمين تعهدات أو التزامات تدعم خطة السودان للإعمار، خاصة في المناطق المتأثرة بالحرب والنزوح والدمار الواسع للبنى التحتية.
وتكتسب هذه المشاركة السودانية أهمية مضاعفة في ظل المساعي المستمرة لإعادة دمج السودان في النظام الاقتصادي الدولي، بعد عزلة سياسية واقتصادية مطبقة فرضها الواقع الأمني، والانقسامات الداخلية، وتعقيدات المشهد الإقليمي والدولي. إذ يرى مراقبون أن أي حضور فاعل للخرطوم في هذا النوع من المحافل يعيد إبراز السودان كدولة محورية تسعى لإعادة ترتيب أوراقها رغم العواصف المحيطة بها.
في المقابل، تبقى آمال السودانيين معلّقة على ما قد يُنتج عن هذه الزيارة، سواء من حيث الدعم المباشر أو من خلال فتح قنوات جديدة للحوار مع المؤسسات الدولية، خاصة في وقت يشهد فيه الشارع السوداني تدهورًا كبيرًا في الأوضاع المعيشية، وتفاقمًا في نسب الفقر والبطالة، وانهيارًا غير مسبوق في الخدمات الصحية والتعليمية.
ورغم تعدد التحديات، يرى كثيرون أن تحرّك البرهان نحو هذا المؤتمر الأممي يعكس رغبة في بعث رسائل سياسية واقتصادية متعددة الاتجاهات: أولها أن السودان لا يزال موجودًا على خارطة المبادرات الدولية، وثانيها أن قيادة الدولة مستعدة لخوض معركة التعافي الاقتصادي في المحافل العالمية، ما دام هناك أفق للتعاون والشراكة.