
تطور الأوضاع في كادقلي
متابعات _ النورس نيوز _ في كادقلي، عاصمة ولاية جنوب كردفان، لم يعد الجوع مجرد احتمال، بل أصبح واقعًا يوميًا ينهش حياة السكان بصمت. المدينة التي لطالما قاومت الحرب والخذلان، تجد نفسها اليوم محاصرة، معزولة، وتُدفع نحو هاوية المجاعة دون أن يُحرّك أحد ساكنًا.
منذ أن أُغلق طريق الدلنج الاستراتيجي بسبب اشتداد العمليات العسكرية، بدأت مظاهر الانهيار تتسلل بسرعة إلى الأسواق. المواد الأساسية كالسكر والدقيق والزيت اختفت تقريبًا، والمحال التجارية أغلقت أبوابها، بينما توقف نشاط المطاعم نتيجة لانعدام الإمدادات.
أحد أعضاء غرفة الطوارئ بكادقلي وصف الوضع بأنه الأخطر منذ اندلاع الحرب، مؤكدًا أن المدينة تخضع فعليًا لحصار خانق بعد قطع الطريق الرابط بينها وبين الدلنج، وهو الشريان التجاري والإنساني الوحيد للمنطقة. ووجّه تحذيرًا صريحًا: “المجاعة لم تعد بعيدة، بل باتت على الأبواب”.
ولم تتوقف الأزمة عند الغذاء فقط. فقد تسببت الحملة الأمنية في مصادرة أجهزة “ستارلينك” التي كانت تتيح الاتصال بالإنترنت، ما أدى إلى انقطاع كامل للشبكة، وعُزلت المدينة تمامًا عن العالم الخارجي. ووفقًا لمصادر محلية، صودرت أيضًا هواتف عدد من الناشطين بتهمة التعاون مع الحركة الشعبية – شمال، في مشهد يعكس تصاعد القمع وسط انهيار الأوضاع المعيشية.
الناشط الصادق إبراهيم، الذي يعمل في مجال الإغاثة، أكد أن استمرار إغلاق الطريق سيقود إلى كارثة إنسانية شاملة. وأضاف أن الأسواق باتت شبه خالية، والأسعار ارتفعت بصورة غير مسبوقة، مع غياب أي تدخل عاجل من الجهات المختصة.
من جهته، أعلن مصدر عسكري أن القوات المسلحة نجحت في تأمين الطريق منذ يوم 20 يونيو، وأن العمل جارٍ لإعادة فتحه أمام حركة المواطنين بعد استكمال عمليات التمشيط، متهمًا قوات الحركة الشعبية – شمال باستهداف مدينة الدلنج بالمدفعية الثقيلة بعد فشلها في اقتحامها بريًا.
وفي ظل هذا الواقع، تبدو كادقلي كأنها تُصارع مصيرها وحدها. لا مساعدات عاجلة، لا خطط إنقاذ معلنة، ولا حتى تغطية إعلامية كافية لما يحدث خلف الجبال. سكان المدينة، المنهكون أصلاً من آثار الحرب، يقفون اليوم في طوابير الأمل، يترقّبون بصمت شاحنة قد تأتي، أو لا تأتي.