
تفاصيل معركة الدشول الأخيرة
متابعات _ النورس نيوز _ في تحرك عسكري جديد يكشف حجم التحديات التي تواجهها البلاد، أعلنت القوات المسلحة السودانية، يوم الثلاثاء، أنها تصدت لهجوم وصفته بـ”الشرس” نفذته قوات الحركة الشعبية – جناح عبد العزيز الحلو، على منطقة “الدشول” الواقعة على الطريق الرابط بين كادوقلي والدلنج في ولاية جنوب كردفان. وأوضح المتحدث الرسمي باسم الجيش، العميد نبيل عبد الله، أن الفرقة 14 مشاة بكادوقلي أحبطت الهجوم وتمكنت من تحقيق “نصر نوعي”، مؤكداً أن المنطقة ما تزال تحت سيطرة القوات المسلحة السودانية بالكامل. وتُعد “الدشول” منطقة استراتيجية ومهمة في الخارطة العسكرية للجيش، كونها تمثل نقطة وصل رئيسية بين المدن الكبيرة في الولاية، كما تُستخدم في تأمين طرق الإمداد وفتح المسارات الحيوية التي تأثرت بشكل مباشر منذ اندلاع الحرب.
الهجوم الذي نفذته قوات الحلو لم يكن منعزلاً عن السياق السياسي والعسكري الأوسع، إذ أن الحركة الشعبية سبق أن وقّعت في مارس الماضي ميثاقاً سياسياً وعسكرياً تحت مسمى “تحالف التأسيس”، مع قوات الدعم السريع، ينص على تشكيل حكومة موازية وتقاسم للسلطة، إلى جانب تنسيق عسكري بين الأطراف الموقعة. ويضم هذا التحالف عدة فصائل مسلحة أخرى، ما يضاعف من تعقيد المعادلة العسكرية ويثير مخاوف حقيقية من اتساع رقعة المواجهات في مناطق جديدة من السودان. في المقابل، تؤكد القيادة العامة للجيش السوداني أنها ماضية في تنفيذ خطتها لاستعادة السيطرة على ولاية جنوب كردفان بالكامل، عبر عمليات نوعية تقوم بها قوات الجيش النظامي مدعومة بوحدات الشرطة والقوة المشتركة.
مصادر متقاطعة تشير إلى أن قوات الدعم السريع دفعت خلال اليومين الماضيين بخمسة عشر متحركاً عسكرياً جديداً نحو مناطق التماس في الولاية، بالتوازي مع هجوم قوات الحلو على الدشول. هذه التحركات تؤكد وجود تنسيق ميداني بين الطرفين، لا سيما في ظل الصمت الرسمي من قيادة الدعم السريع وعدم نفيهم لما جاء في ميثاق التحالف. في السياق ذاته، يرى مراقبون أن السيطرة على مناطق مثل “الدشول” تمنح الجيش أفضلية استراتيجية، ليس فقط في كسر الحصار الذي تفرضه قوات الحلو على كادوقلي، بل في إعادة تأمين الخطوط الخلفية التي يعتمد عليها في تغذية جبهات القتال.
رغم ضراوة المعركة، تؤكد القوات المسلحة السودانية أن روح الجنود عالية، وأن الخطط العسكرية الموضوعة بدأت تؤتي ثمارها في استعادة المبادرة الميدانية، خصوصاً في المناطق الجنوبية والغربية من البلاد. ويأتي هذا الإعلان في وقت يزداد فيه الضغط الشعبي والسياسي على جميع الأطراف من أجل الوصول إلى حلول تنهي الحرب الدائرة، إلا أن المعطيات على الأرض تشير إلى تصاعد في وتيرة القتال لا إلى انحساره. ويرى متابعون أن تطورات الدشول قد تكون بمثابة مؤشر واضح على أن الصراع دخل مرحلة جديدة عنوانها المواجهة المباشرة بين التحالفات العسكرية المتشكلة حديثاً وبين المؤسسة العسكرية الرسمية.
من جانبهم، يعبّر مواطنو جنوب كردفان عن قلقهم المتزايد من عودة العمليات العسكرية بالقرب من مناطقهم السكنية، حيث أفادت تقارير محلية عن موجة نزوح جديدة من المناطق القريبة من مسرح العمليات. وفي ظل هذه الأوضاع، يتصاعد الضغط الإنساني وسط ضعف في الاستجابة الدولية، بينما تبقى القوات المسلحة متمسكة برؤيتها الأمنية والعسكرية في حماية الأراضي واستعادة الاستقرار، رغم تعقيدات المشهد وتشعب الصراع.