
ع■ عندما كانت مليشيات وعصابات التمرد تستبيح قري ولاية الجزيرة الوادعة .. تقتل الأبرياء وتنتهك الأعراض .. يومها كان وقع صاعقة الحرب اللعينة عظيماً علي أهل السودان عامة وولاية الجزيرة خاصة ..
■ بعد السقوط الأليم والفاجع لمدينة مدني زرت مدينة المناقل .. المدينة في ذلك اليوم وبرغم سحابة الحزن التي غطّت محياها إلا أن جولتي داخل سوق وأحياء المناقل بعثت في دواخلي شعوراً يُعاش .. ولايُحكي .. قابلت شباباً من أبناء المناقل قالوا لي في ثبات عجيب .. نحنا حنموت هنا .. دي أرضنا وبلدنا .. والراجل العايز شر يجينا .. وفي شوارع المدينة تجلس مجموعات من رجال وشباب الأحياء أمام منازلهم في هدؤ من قرر البقاء ومواجهة عصابات الجريمة العابرة للقارات ..
■ أكثر من قصة وحكاية يحدثك عنها أهل المناقل اليوم وقد عادت مدينتهم إلي ألقها وضجيجها وتفاصيل حياتها الجميلة .. لكنها عودة تتكئ علي إرث من البطولة والجسارة والثبات ستتوارثه وستتناقله الأجيال جيلاً بعد جيل ..
■ من الرجال الذين ستحكي عنهم صفحات كتاب تاريخ بطولات ومعارك حرب الكرامة الشيخ الرمز عبد المنعم موسي أبوضريرة ابن السودان البار وأحد رموز ولاية الجزيرة عامة ومدينة المناقل خاصة .. المناقل التي ضربت مثالاً أسطورياً في دعم وإسناد القوات المسلحة .. هذه المدينة قدّمت للسودان كله رمزها الشيخ أبوضريرة أبرز الرجال الذين وقفوا مساندين وداعمين للجيش السوداني في حرب الكرامة ..
■ زرت المناقل قبل يومين محبة ومودة لأهل وأصهار وأرحام جمعتنا بهم عقودٌ من صلات التواصل والتزاور .. ولأن شواغل الزراعة والسياسة وهموم وقضايا الناس لا تنفصل عن الهموم الخاصة فقد تحوّل واجب زيارة للأخ العزيز حسن إدريس ابن المناقل البار إلي سانحة لحديث طويل وعميق مع الشيخ عبدالمنعم أبوضريرة أحد أيقونات معركة الكرامة .. وأشكر للشيخ أبوضريرة وإخوانه والمحيطين به أن أتاحوا لنا فرصة التداول في الشأن العام لبلادنا عامة وهموم ولاية الجزيرة خاصة ..
■ إنتهزت سانحة الضيافة في صالون الشيخ أبوضريرة الذي كان شاهداً علي أدق أسرار ويوميات معركة الكرامة في السودان عامة وولاية الجزيرة خاصة للحديث مع الرجل عن هموم الجزيرة .. وشواغل أهله في المناقل .. بقدر سعادتي بصراحة الشيخ أبوضريرة وإفاداته الواضحة إلا أنني توقفت عندما قال لي إننا نحتاج كلنا إلي التفكير في الإجابة علي السؤال المهم : ماذا نفعل بعد أن خرجنا من معركة الكرامة ؟!
■ قلت له : من وجهة نظري تبدأ الإجابة من هموم إنسان المناقل وهي صورة مصغرة وحزينة لهموم أهل السودان كافة ..
■ غداً نفتح باب الحديث عن المناقل وأهلها مع الشيخ الرمز عبد المنعم أبوضريرة ..