
إبراهيم شقلاوي: حين يتحرك الدومينو الإقليمي.. السودان في قلب اللحظة”
متابعات _ النورس نيوز _ تشهد منطقة الشرق الأوسطإبر تطورات متسارعة في ظل التصعيد بين إيران وإسرائيل، ما يعيد إلى الواجهة ما يعرف بتأثير “الدومينو الإقليمي”، حيث تؤثر كل أزمة في الأخرى ضمن سلسلة مترابطة من الأحداث. وعلى الرغم من أن النزاع الحالي يتركز في نطاق جغرافي محدود، إلا أن تداعياته قد تتجاوز ذلك لتصل إلى دول محورية في الإقليم، ومنها السودان، الذي يجد نفسه في قلب معادلة جديدة من التوازنات والتحديات.
بالنظر إلى موقع السودان الجيوسياسي، فإن استمرار التصعيد قد ينعكس على الوضع الاقتصادي، خاصة في ظل الاضطرابات المحتملة بأسواق الطاقة وخطوط الملاحة عبر البحر الأحمر، ما قد يفاقم الضغوط على اقتصاد يعاني أساسًا من آثار الحرب. وقد يكون من الضروري للسودان إعادة تقييم خياراته اللوجستية، كما حدث في تجارب سابقة لجأ فيها إلى موانئ خارجية بديلة لتجاوز الأزمات.
أما سياسيًا، فقد يتأثر التوازن الداخلي بانشغال بعض القوى الإقليمية الداعمة لطرفي الصراع، ما قد يؤدي إلى تراجع في مستويات الدعم السياسي والعسكري لبعض الفصائل، ويفتح الباب أمام فرص جديدة لإعادة ترتيب المشهد الداخلي بما يخدم استقرار الدولة.
وعلى الصعيد الأمني، تبرز مخاوف من تحول البحر الأحمر إلى نقطة توتر، في ظل تنافس متصاعد على النفوذ البحري، خصوصًا عند مضيق باب المندب. ويضع هذا السودان في موقف حساس يتطلب تبني مواقف استراتيجية توازن بين حماية السيادة والانفتاح على المتغيرات الإقليمية.
من جهة أخرى، تزامنت هذه الأوضاع مع تحركات لقوات المشير خليفة حفتر عند المثلث الحدودي مع السودان ومصر وليبيا، وهو ما دفع الجيش السوداني لاتخاذ إجراءات مضادة. هذه التحركات تشير إلى أن بعض القوى تحاول استثمار الوضع الأمني لتحقيق مكاسب على الأرض، أو إرسال رسائل سياسية تعكس تغيّرات في خارطة النفوذ.
تتعدد السيناريوهات المحتملة لمآلات الوضع في السودان، فإما أن تستثمر الدولة انشغال بعض الأطراف الإقليمية لتحقيق تقدم عسكري على الأرض وإنهاء التمرّد، أو أن تواجه موجة جديدة من التصعيد عبر محاولات داخلية وخارجية لتعقيد المشهد، مستغلة هشاشة الوضع الخدمي والإداري.
في المقابل، هناك بوادر لتحركات إقليمية نحو التهدئة، تقودها بعض الدول مثل قطر وتركيا، في مساعٍ لإحياء جهود السلام، بما يشبه تجارب الوساطة السابقة في مناطق مثل دارفور. غير أن فعالية هذه المبادرات تظل مرهونة بمدى قدرة السودانيين على توحيد المواقف الوطنية، ورفض خطاب الاصطفافات الحادة، وتقديم المصلحة العامة على أجندات الأطراف.
كل هذه التحديات والفرص تضع السودان أمام لحظة حاسمة تتطلب توظيفًا دقيقًا للظروف الإقليمية والدولية، من أجل إعادة بناء الدولة، واستعادة السلام، وحماية القرار السيادي من التبعية أو الانزلاق في صراعات ليست من أولوياته.