مقالات

الترس الأول في طريق حكومة كامل إدريس

متابعات _ النورس نيوز

الترس الأول في طريق حكومة كامل إدريس

متابعات _ النورس نيوز _ الطاهر ساتي يكتب…في وقت لم تكتمل فيه بعد ملامح حكومة الدكتور كامل إدريس، بدأت المؤشرات تنذر بمواجهة مبكرة بين مكوناتها السياسية والعسكرية، لتعيد إلى الأذهان مشاهد الفشل التي طبعت التجارب السابقة. الكاتب الصحفي الطاهر ساتي أشار في مقال له إلى أن المجلس السيادي – بتركيبته العسكرية والمدنية – يشكل العقبة الأكبر أمام الحكومة المرتقبة، معتبرًا أن تدخله المبكر والمتكرر فيما لا يعنيه يزرع بذور الخلاف التي سرعان ما تثمر أزمات متلاحقة.

 

 

ورغم أن الحكومة لم تُعلَن بعد بشكل نهائي، إلا أن المجلس السيادي بدأ فعليًا في وضع أول “ترس” في طريقها، وفقًا لوصف ساتي. مصادر عديدة روجت خلال الأيام الماضية أن شركاء سلام جوبا يتمسكون بمقاعد وزارية بعينها، لا سيما المالية والمعادن، إلا أن هذه المزاعم بددها الكاتب تمامًا، مؤكدًا أن قيادات الحركات – وتحديدًا جبريل إبراهيم ومناوي – لم يطالبوا بأي حصة حتى الآن، لا كتابة ولا شفاهة.

 

 

بل الأكثر من ذلك، بحسب المقال، أن هذه القيادات طرحت خلال اجتماعاتها مع المكون العسكري في المجلس السيادي ثلاثة اقتراحات أساسية، كان أولها الانسحاب من المشاركة في السلطة التنفيذية بشكل كامل، والاكتفاء بالمساهمة في “معارك الكرامة” لحين استعادة الدولة. وهو مقترح واجه الرفض الصريح من العسكر، الذين طالبوا بإبقاء الشراكة كما نصت عليها وثيقة جوبا.

 

 

 

أما المقترح الثاني، فكان إعادة توزيع الحقائب الوزارية بما يتناسب مع المتغيرات الراهنة، بعيدًا عن التركيبة التي وُضعت في عهد رئيس الوزراء الأسبق عبد الله حمدوك، لكن المجلس العسكري رفض هذا الخيار أيضًا. وبحسب رواية ساتي، فإن المجلس فضل الإبقاء على الوضع الحالي، دون أي تعديل في التوزيع أو الأسماء.

 

 

 

المفارقة اللافتة التي تطرق إليها الكاتب، أن رئيس الوزراء كامل إدريس لم يُشاور حتى هذه اللحظة شركاء جوبا بشأن ترتيبات الشراكة، ولم يلتقِ بهم إلا في مناسبة معايدة. وبعد اتفاقهم مع المجلس السيادي على أغلب النقاط، تلقوا اتصالًا من إدريس لمناقشة الشراكة ذاتها، في خطوة وصفها الكاتب بأنها مثيرة للتساؤلات، ودعوة للقارئ لتفسيرها كما يشاء، دون أن يُخفي شكوكه حول حسن النوايا.

 

 

وفي الوقت الذي يتصور فيه البعض أن أزمة الحكومة المرتقبة محصورة في توزيع المناصب، ينفي الطاهر ساتي ذلك بشدة، ويؤكد أن جوهر الخلاف أعمق بكثير، ويدور حول احترام الشراكة نفسها كفكرة وسلوك سياسي، وليس مجرد تقاسم سلطات. فالحركات الموقعة على اتفاق جوبا، حسب الوثيقة الدستورية، تُعد شريكًا كاملاً في إدارة المرحلة الانتقالية، تمامًا كما كان الحال مع قوى الحرية والتغيير في ما قبل 25 أكتوبر 2021.

 

 

 

ويخلص الكاتب إلى أن اختزال الأزمة في مسألة “الكرسي” يُعد تبسيطًا مخلًا، وتضليلًا متعمدًا للرأي العام. فالمشكلة الأساسية تكمن في غياب احترام قواعد الشراكة، وتجاهل الأطراف لبعضها البعض، مما يُضعف الثقة ويُعمّق الهوة، حتى وإن تم منح أحد الأطراف كافة الحقائب، بما فيها منصب رئيس الوزراء ذاته.

 

 

 

وفي ظل هذا المناخ المتوتر، يرى الطاهر ساتي أن الحكومة الجديدة قد تبدأ خطواتها الأولى وهي مُكبّلة بسلاسل الشكوك وعدم الانسجام، ما يهدد فرص نجاحها مبكرًا، ويعيد طرح السؤال الأهم: هل نحن بصدد تكرار ذات التجربة السياسية، أم أن كامل إدريس سينجح في كسر “الترس الأول” وفتح الطريق نحو شراكة متماسكة تحترم الوثائق والتوافقات؟

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى