
البنك الدولي يفجّرها: دولة افريقية على أعتاب نهضة اقتصادية
متابعات – النورس نيوز
في مفاجأة غير متوقعة، كشف البنك الدولي في تقريره العاشر بشأن “المستجدات الاقتصادية في الصومال” عن مؤشرات قوية تُنبئ بأن هذا البلد الواقع في منطقة القرن الأفريقي، ورغم الأزمات المعقدة التي يواجهها، بات قاب قوسين أو أدنى من دخول مرحلة نهضة اقتصادية حقيقية، مدفوعة بعدة عوامل جوهرية أبرزها انتعاش القطاع الزراعي، وتزايد التحويلات المالية من الخارج، وانخفاض أسعار السلع الأساسية.
وأشار التقرير إلى أن الاقتصاد الصومالي سجل نموًا بنسبة 4.0% خلال العام 2024، ما يُعد أداءً قويًا مقارنة بالسنوات السابقة، وهو ما يفتح الباب واسعًا أمام تطلعات المواطنين الصوماليين الذين يعيشون منذ عقود في ظروف معيشية واقتصادية قاسية. التقرير لم يخلُ من التحذير، إذ لفت إلى أن هذا النمو قد يشهد تباطؤًا في العام 2025 بسبب تراجع المساعدات الخارجية، ما يخلق حالة من عدم اليقين بشأن حجم الدعم المستقبلي ويضع تحديات كبيرة أمام استدامة النمو على المدى المتوسط.
وأكدت كريستينا سفينسون، المديرة القطرية للبنك الدولي في الصومال، أن البلاد بحاجة ماسّة لتعزيز مؤسساتها الاقتصادية، والسير في طريق الاعتماد على الذات بشكل تدريجي، موضحة أن التعبئة الداخلية للإيرادات تُعد من الأولويات الملحّة لبناء دولة قادرة على الصمود في وجه التحديات. وشدّدت سفينسون على ضرورة تكثيف الجهود في مجالات الحوكمة والإدارة المالية العامة، وربط التنمية بالعدالة الاجتماعية وبناء الثقة بين المواطن والدولة.
وبيّن التقرير أن التضخم في الصومال ظل تحت السيطرة، حيث سجل أقل من 6% بنهاية العام 2024، بينما حققت الحكومة الفيدرالية فائضًا ماليًا محدودًا لأول مرة منذ سنوات، نتيجة لتحسين تحصيل الإيرادات، وتبني سياسات أكثر صرامة في ضبط الإنفاق العام. ورغم ذلك، لا تزال الصومال تعتمد بشكل كبير على التمويل الخارجي لتغطية التزاماتها الأساسية.
وركّز التقرير بشكل خاص على الإمكانيات غير المستغلة في قطاعات رئيسية يمكن أن تُحدث تحولًا كبيرًا في بنية الاقتصاد الصومالي إذا ما تم تطويرها بالشكل المطلوب، مثل قطاع التكنولوجيا الزراعية، والطاقة المتجددة، ومصائد الأسماك التي تزخر بها المياه الإقليمية الصومالية. كما دعا البنك الدولي الحكومة الصومالية إلى توسيع القاعدة الضريبية، من خلال تطبيق قوانين ضريبة الدخل والمبيعات بفعالية، إلى جانب ضرورة تحديث التشريعات الجمركية بما يواكب المعايير الدولية.
وخلص التقرير إلى أن مسار الصومال نحو مستقبل اقتصادي مستقر ومستدام لن يتحقق إلا إذا تمكنت الحكومة من تعبئة مواردها الذاتية وتعزيز شفافيتها، والعمل على إعادة بناء العقد الاجتماعي بين الدولة والمواطن، مع تطوير البنية التحتية الخدمية والاقتصادية، وفتح آفاق جديدة أمام الشباب الصومالي الباحث عن فرص عمل داخل وطنه بدلًا من الهجرة غير النظامية والمخاطرة بحياته.
هذا التحوّل المرتقب في المشهد الاقتصادي الصومالي يبعث برسائل أمل للمنطقة بأسرها، ويضع تحديًا أمام المجتمع الدولي لمواصلة دعم الدول الخارجة من النزاعات، وتعزيز جهود إعادة الإعمار وتحقيق التنمية الشاملة، من خلال نهج قائم على الشراكة والتمكين.